U3F1ZWV6ZTQxNzYwODUzMjk2ODAxX0ZyZWUyNjM0NjM1NzM1NjYwMg==

هضبة البحيرات الاستوائية

تقع أحواض بحيرات "فكتوريا و كيوجا و "البرت - المكونة للأحواض الجنوبية لوادي النيل - في هضبة البحيرات الاستوائية، التي اتخذت شكلها الحالى نتيجة الحركات الأرضية التي كونت أخدود أفريفيا العظيم. ويعتبر هذا الأخدود واحدا من أبرز الظواهر الجغرافية على سطح الأرض. فهو يشكل غورا يصل طوله إلى قرابة ثلاثة آلاف كيلو متر، انخسفت فيه الأرض إلى أعماق كبرة وكأنه شق طويل في قشرة الأرض، وعلى الرغم من أن عمق هذا الأخدود يختلف من مكان إلى مكان بحيث يبدو وكأنه مكون من أحواض منفصلة، إلا أن هذه الأحواض تشكل في الواقع سلسلة متصلة تمتد على طول محور واحد وتعود إلى أصل واحد. ويمتد الأخدود الأفريفى إلى البحر الأحمر وامتداداه في بلاد الشام، ویكاد يكون من المؤكد أن هذه الامتدادات ذات صلة وثيقة بنشأة الأخدود الأفريقي الحقيقي.

ويتكون الأخدود الأفريقی من قطاع جنوبی تحتله بحيرة مالاوی" نياسا وقطاع شمالي يتكون من فرعين: الفرع الشرقى منهما يبدأ عند بحيرة روها‘، والغربي عنـد بحيرة ركوا" ويتميز الفرعان بوجود سلسلة من البحيرات تحتل الأجزاء الواطئة منهما. ويشق الفرع الغربي الهضبة التى تشكل الحد الغربی لحوض النيل وتقع فيه بحيرات تنجانيقا و "كيفو" و "إدوارد و "البرت'، وبين البحيرتين، الأخيرتين يقع جبل روینزورى' العظـيم. أما الفرع الشرقى من الأخدود فإنه يشق الهضبة التي تشكل الحد الشرقی لحوض النيل وفيه تقع سلسلة البحيرات الي تبدأ من بحيرة رواها في الجنوب ويمتد حتى بحيرة زوا في الشمال بداخل أخدود إثيوبيا.

أما هضبة البحيرات نفسها فإنها تبدأ شمال نهر الزمبيزي حيث تقع مالاوي ثم تمتد شمالا لكي تغطى هضاب تنجانيقا وكينيا وأوغندة. وقد تعرضت هذه الهضبة الشاسعة لعملي تحلت ونحر هائلة سوتها وتركتها سطحا منبسطا منذ حوالي 10 ملايين على 15 مليون سنة. وقد تعرض هذا السطح منذ ذلك التاريخ لحركات أرضية هائلة ومنقطعة رفعته إلى منسوبة الحالي الذي يصل إلى حوالی ۲۰۰۰ متر فوق سطح البحر. كما شفته بأخاديد عميقة تكون الآن جزءا من الفرعين الغربى والشرقي لأخدود أفريقا العظيم. وبين هذين الفرعين نشات منطقة منخفضة هي التي تحتلها الآن بحيرة فكتوريا وتختلف هذه البحيرة لذلك عن بحيرات الأخدود في أن لها شواطئ مندرجة وغورا صغيرا، وعلى الرغم من اتساعها الكبير فلا يزيد أكبر أعماقها على مائة متر.

ومن أبرز خواص ذلك الجزء من هضبة البحيرات الذي يعمل فيما الأخدودين هو ارتفاع سطحه ناحية الأخدودين الشرقي والغربي، وتشكل هاتان الحافتان المرتفعتان اللتان تحدان هذا الجزء من الهضبة خط تقسيم المياه بين حوض النيل وأحواض الأنهار المجاورة في الوقت الحاضر وفي الماضی، قبل أن ترتفع الحافة الشرقية للأخدود المغربي، كانت أنهار هضبة البحيرات تتجه إلى حوض "الكونجو فالمحيط الأطلنطي، فلما ارتفعت الحافة في العصر الحديث نسبيا انعكس مسار الكثير من هذه الأنهار إلي حوض النيل، ومن الأمثلة البارزة لهذه الأنهار التي انعكس مسارها كاتونجا الذي يحمل مياه الجزء الشمالي الغربي للهضبة إلى بحيرة فكتوريا و كافو الذي يصب في بحيرة توجا و "الكاجيرا". وكل هذه الأنهار كانت وحتى وقت حديث تتجه إلى حوض الكونجـو. وليس هناك من شك في أن الجزء الأكبر من مياه بحيرة فكتوريا ، إن لم يكن وجود البحيرة ذاته، يعود إلى هذا الحادث المهم الذي رفع حافة الهضبة وعكس مسار الأنهار وحول مسارها ناحية البحيرة فزادت من مياهها. ولا يعرف على وجه التحديد تاريخ هذا الحدث. ولكن الكثير من الباحثين يظنون أنه حدث في منتصف عصر البليستوسين أي منذ حوالي نصف مليون سنة.

وقد ظلت بحيرة فكتوريا" بحيرة داخلية دون أي اتصال بأی جزء من نهر النيل لمدة طويلة بعد نشأتها، ولم يتم اتصالها بنهر النيل إلا منذ 13500 سنة قبل الآن، وقد أثبتت دراسة إحدى الجسات التي دقت في قاع البحيرة آن منسوب البحيرة كان أوطأ مما هو عليه الآن بمقدار ٢٤ مترأ منذ 14 ألف سنة، فقد تأكد من دراسة حبوب اللقاح التي فصلت من الطبقات التي ترسبت في هذا الوقت والتي لابد أنها تطايرت من نباتات المنطقة المحيطة أن هذه النباتات هى من حشائش منطقة "السافانا" مما يشير إلى أن المناخ في ذلك الوقت لابد أنه كان أكثر جفافا وأقل مطرا مما هو عليه الآن، وأن كمية المياه التي كانت تصل إلى البحيرة كانت قليلة، وبعد ذلك بحوالی١٥٠٠ سنة منسوب البحيرة نتيجة تزايد الأمطار ووصل إلى منسوبه الحالی تقريبا، فأتيح للمياه الاندفاع خارج البحيرة عبر نيل فكتوريا إلى مجرى النيل. وفي الوقت نفسه زادت الأمطار زيادة كبيرة فاختفت الحشائش وعادت الغابات مرة أخرى للظهور. وقد ظلت الأحوال المناخية مطيرة حتى حوالی ٦٥٠٠ سنة قبل الآن حين بدأت الأمطار تقل مما سبب زيادة الأشجار النفضية على حساب الأشجار دائمة الخضرة. ولا يوجد أي دليل على أن بحيرة فكتوريا قد اسهمت بأي كمية من المياه لنهر النيل قبل ١٢٥٠٠ سنة من الآن. ويؤكد هذا الاستنتاج وجود رواسب ملحية في النيل الأبيض ترسبت في الفترة بين ١٤٠ ألفا و ١٢٥ ألف سنة قبل الآن مما يدل على أن هذا النهر لم تكن تصله من هضبة البحيرات الاستوائية مياه عذبة كثيرة. وقد أكدت الدراسات الحديثة التي قامت بها جامعة ديوك" بالولايات المتحدة على بحيرة فكتوريا هذه النتائج.





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة