U3F1ZWV6ZTQxNzYwODUzMjk2ODAxX0ZyZWUyNjM0NjM1NzM1NjYwMg==

تطور مفهوم الجغرافيا السياسية

 مقدمة

يحتوي موضوع علم الجغرافيا على جانبين رئيسيين هما الجانب الطبيعي والبشري؛ حيث أنها تدرس الإنسان في المكان، أو في بيئته.


أولا الجغرافیا الطبيعية:

وتتضمن دراسة أفرع رئيسية مثـل السطح والتي تعرف بجغرافية التضاریس، وجغرافية المناخ التي تدرس عناصر الغلاف الجوي وأثرها في تشكیل الظواهر المناخية المؤثرة على سطح الأرض، والجغرافيا الحيوية التي تدرس النبات الطبيعي في كافة صورة، وكذلك جغرافية الحيوان في صورته الطبيعية أو البرية، وكـذلك دراسة جغرافية التربـة مـن حيـث خصائصها ومكوناتها.. وهي الظاهرات الموزعة على سطح الأرض، التي هي من صنع الله عز وجل، والتي يسعى الإنسان جاهدا أن يطوعها لنفسه لسد مطالبه واحتياجاته المتعددة.


ثانيأً: الجغرافيا البشرية:

وتسمى بالجغرافيا الحضارية cultural_Geography في المدرسة الأمريكية، وتعرف بالجغرافيا الاقتصادية في المدرسة الجغرافية الروسية، وبصفة عامة تتناول دراسة كافة المظاهر الحضارية التي هي من إبداع الإنسان على سطح الأرض مثـل أشكال العمران بكافة صوره، ووسائل وطرق النقل والمواصلات، والأنشطة الاقتصادية، وتوزيع أعداد السكان بكافة خصائصهم وتركيبهم وكثافتهم، والظاهرات السياسية المختلفة، الممثلة في دراسة التفاعل بين الإنسان والأرض سياسيا.


أولا: نشأة الجغرافية السياسية

الجغرافيا السياسية فرع من أفرع الجغرافيا البشرية؛ حيث تدرس الأقاليم السياسية أو الدول في العالم من منظور جغرافي، كما تصنف الوحدات السیاسية طبقاً لمعايير القوة الاقتصادية والعسكرية، كما تدرس العناصر الجغرافية للدولة، والأحلاف والتكتلات السياسية وتعطي صورة للعالم المعاصر، والمراحل التي شهدت تطوره، وتعني أيضأ بدراسة النظام الدولي من خلال المنظمات الدولية التي من وظيفتها حفظ التوازن الدولي. وترجع نشأة الجغرافيا السياسية لبداية القرن الماضي ق ۲۰؛ إلا أنها لها جذور قديمة.

يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل.

1-مرحلة الحتم الجغرافي وأثره على العلاقات السياسية.
2- مرحلة الدولة ككائن حي ونشأة الجيوبولتيكا .
3-مرحلة دراسة الوحدات المناطق السياسية.

وتعبر كل مرحلة من المراحل السابقة عن فترة محددة في تاريخ الجغرافيا السياسية؛ فنجد أرسطو في القرن الثالث ق.م، واصطرابون القرن الأول ق. م، ثم ابن خلدون يمثلون الفترة الأولى في ظهور الجغرافيا السياسية، بینما يمثل العالم راتزل ومبدأ الحتم البيئي الفقرة الثانية، وتأتي الفترة المعاصرة وتتمثل في تلس وجونز وهارتز هورن الفترة الأخيرة.
ومن أعلام المرحلة الأولى أرسطو وأفلاطون واصطرابون، وم ما لا شك فيه أن إدراك الإنسان القديم للتفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة به لم يكن إدراكا علميا له إطاره ومنهجه، بل كانت إرهاصات تحدث عنها العالم الإغريقي أرسطو ۳۸۳ –- ۳۲۲ ق.م، حيث تكلم عن الدولة المثالية، وحدد عناصرها في عدد السكان، وحجم الموارد الاقتصادية، حيث ذكر أن حجم السكان يجب أن يكون متوسطأ بحيث يسهل حكمه، فلا هو بالعدد الكبير الذي يصعب حكمه، ولا هو القليل الضعيف، وكانت رؤيته تنصب على أن الاعتبار السياسي له الأثر القوي في تحديد الحجم المثالي لسكان هذه الدولة من أجل تحقيق الاستقرار والطمأنينة والرفاهية لكل أفراد هذه الدولـة، وفنظره أن الحجم الأمثل ل لسكان يتحق ق بمعرفة كل المنتخبين لمنتخبهم ولأنفسهم شخصياً.

ولكن يعيب هذا الرأي الآن التطور الكبير في وسائل الاتصال والإعلام من أجهزة الدش والراديو، فيستطيع أي مرشح أن يظهر على شاشات الدش والتلفزيون أمام عد د كبير وضخم من الناخبين، دون وجود علاقة شخصية بينه وبين الناخبين له، كما أن نجاح الدولة المثالية في رأي أرسطا طاليس يتحقق باستغلال الموارد الاقتصادية المختلفة مما يحقق الاكتفاء الذاتی لشعوبها، وهي دعوة لا تتحقق في عالمنا المعاصر، حيث الاختلافات في الظروف الطبيعية والبشرية لكل دول العالم، والتطلعات الكبيرة لحكومات اليوم لا تقف عند حدود الدولة السياسية، مما خلق الكثير من مشکلات السياسية الحالية، وبالتالي الحروب والمجاعـات والأزمات التي لا تحقق الرخاء والرفاهية.

أما عن رأيه في العاصمة المثالية للدولة التي تجمع بين الموقع الحصين، وبين الأداء الجيد لظروفها، كما أنه عالج الصفات التي يجب أن ينصب بها الجيش البري، والأسطول الحربي الذي يضم عناصر مرتزقة من غير المواطنين، كما أنه ناقش وظائف الدولة، والحدود السياسية المحصنة، وبالتالي فقد تطرق لكثير من موضوعات الجغرافيا السياسية الحالية.

وكانت كتابات أرسطو حتمية، ركز فيها علـى حتمية تأثير الموقع الجغرافي والفلكي ومـا يرتبط بهما من ظروف مناخية تؤثر فـي السلوك السياسي للإنسان، وتشابهت أفكار أفلاطون مع أرسطو، أما إسترابون فقد حدد بقاء الدولة الإمبراطورية بوجود حكومة مركزية قوية.

أما العالم العربي الشهير ابن خلـدون ١٣٨٢ - ١٤٠٥ فقد ألقي الضوء في مقدمته على فكر الجغرافيا السياسية عند العرب في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي وناقش موضوعات هامة مثل القبيلة والدولة، وقد أضاف الكثير إلى الفكر الجغرافي السياسي في مقدمته الشهيرة، فقد ربط بين حوادث التاريخ وحقائق الجغرافيا محددا العوامل التي تؤدي إلى قیام الحضارة وازدهارها وتلك التي تؤدي إلى تدهورها – وقد تحدث الباب الأول من المقدمة "عن العمران البشري"- ثم انتقل إلى الحديث عن أثر المناح في طبائع الشعوب ثم درس البدو والحضر وخصائص كل منهما ودرس بعد ذلك تطور الدول والعوامل المؤثرة في قيامها وانهيارها. ويعتبر هو واضع الإطار العام الذي عرف من بعده بدورة حياة الدولة، وتحدث ابن خلدونعن عوامل قيام الدولة وهرمها وسقوطها.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة