U3F1ZWV6ZTQxNzYwODUzMjk2ODAxX0ZyZWUyNjM0NjM1NzM1NjYwMg==

الأخدود الأفريقى العظيم

 الأخدود الأفريقى العظيم

يدل معظم امتداد هذا الأخدود على ضخامة العملية التكتونية التي أنشأته عنفوانها. فالمسافة بين بيرا، قرب نهاية الأخدود الجنوبية، والنهاية الشمالية للبحر الأحمر تصل إلى نحو ٥٦٠٠ کیلومتر ٣٥٠٠ ميل، ناهيك عن باقی امتداد الأخدود في الأردن ولبنان حتى شمالي سوريا عند مشارف مرتفعات طوروس.
وقد نشر جريجوري دراسته عن الأحدود في عام ۱۹۲۱، ولاحظ أن الأودية الأخدودية التابعة للنظام تقطع بعضا من أعلى أجزاء الكتلة الأفريقية التي كانت قد تقوست إلى أعلى في نفس الوقت الذي فيه تقوست أحواض معينة إلى أسفل. واعتقد أن هذا التقوس المحدب قد حدث نتيجة لضغط جانبي، ورجح حدوثه أثناء العصر الكريتاسي، ورأى أنه المسئول أيضا عن تكوين مضيق موزمبيق، وبالتالى عن تكوین رواسب الكريتاسي البحرية في يواحل مدغشقر وموزمبيق. وتلي ذلك كما رجح جريجورى، هبوط أرض المحيط الهندى، ومن ثم خف الضغط الجانبي الذي كانت تعاني منه أفريقيا. وقد أدى هذا، في رأيه، إلى تهدم الأجزاء المركزية من المناطق ذات التقوس المحدده في شرق أفريقيا مكونه للأودية الأخدودية.

وقد استمر نشاط الانكسارات حني أوأخر الكريتاسى و اوائل الزمن الأول وترتب على ذلك نشاط بركاني على طول نطاق الأخدود من البحر الأحمر ملاوي (نياسالاند) ، أدى إلى إخراج تدقفات اللافا الفسيحة التي عرف بها الثالث في تلك المناطق. وهی تعاصر غطاءات اللافا المماثلة في جهات أخرى من العالم كهضبة الدكن في الهند. وهذه وتلك انبثقت في الوقت الذي فيه كانت الطبقات الصخرية تلتوى مكونة لمرتفعات الألب في أوروبا، والهيمالايا في آسيا، ونطاق الالتواءات الحديثة في أفريقيا المعروف بجبال أطلس، ولهذا يبدو معقولا أن لا نبحث عن الأسباب المسئولة عن تكوین الأودية الأخدودية فحسب، وإنما أيضا عن مختلف الظاهرات الضخمة من نفس العمر.

وجوهر نظرية جريجورى أن الأخدود قد نشا نتيجة شد في القشرة الأرضية الأفريقية، تسبب في تكسر الصخور وهبوطها فتكون الأخدود. وقد وجدت النظرية اعتراضات من أكثر من باحث، من بينهم هولمز الذي عرض آراء أكثر من غيرها وضوحا، فهو يرى أن الأخدود تكون نتيجة لضغط القشرة الصخرية التي نشأت عنها انكسارات زاحفة. وتبعا للنظرية، فإن الكتلة العليا ترحف وتركب فوق الكتلة السفلى، ومن ثم تضغطها في الأرض، ويؤدی إلى إنشاء انكسار زاحف آخر مواز للأول، ولكنه يزحف تجاهه، ومن ثم فإنا سنجد كتلتين زاحفتين علويتین تواجهان بعضهما عبر أرض واد تكون بواسطة كتلة واحدة هي التي تحمل ثقل الكتلتين الزاحفتين العلویتين، وهذه الكتلة هبط تدريجيا حتى تستعيد الأرض تعادلها التوازني مرة أخرى.

والنظريتان رغم أنهما على النقيض من بعضهما، إلا أن مفاهيمهما تبدو بسيطة وقد دلت الأبحاث التي أجريت والخرائط الجيولوجية التي رسمت لأفريقيا ابتداء من عام 1945 أن أيا من النظريتين لا تفي بتفسير الظاهرة فبينما كانالاعتقاد السائد أن الأخدود قد نشا في نهاية العصر الكریتاسي، تبين أنه أقدم من ذلك بكثير، ذلك أن الأخدود يتبع خط عيوب وانكسارات نشات في عصور ما قبل الكمبری؛ وأن عمليات التكسر التي حدثت في الكريتاسي والزمن الثالث ما هي إلا مرحلة من مراحل نمو وتطور هذا الأخدود، وبحسب ما يرى، ديكسی وغيره مـن المتخصصین، وكذلك جريجورى، أن الحركات الرأسية المسئولة عن نشأة تراكيب "الأحواض والضهور في أفریقيا هي بمثابة مفتاح لكل المشكلة، ولكن حتى الآن لم تظهر نظرية ذات مفاهيم كافية لتفسير هذه الحركات.

ارتباط تكوين الأخدود بنشاة القارة

هناك مجموعة من النظريات تعزو نشاة الأخدود لتحرك الكتل القارية أفقيا التزحزح القاری'. إذ يعتقد أن قشرة الأرض تتكون من طبقتين متميزتين طبقة سفلى كثيفة نسبيا هي طبقة السيما، وطبقة عليا أخف وأقل كثافة وهي السيال.
وتتكون الكتل القارية من مادة السيال، ويقل وجودها في القيعان المحيطة ولهذا يمكن القول بأن الكتل القارية تطفو فوق السيما. وأذا ما كان هذا القول مقبولا، فإنه من الممكن أن تتحرك الكتل القارية جانبيا.

وفي عام ۱۹۱۰ أدلى فيجنر بشواهد لتدعيم نظریيته القاتلة بأن كل القارات قد اشتقت أصلا من قارة ابتدائية واحدة هی بانجابا وقد حاول إعادة تركيب توزيع الكتل القارية في عصور مختلفة بناء على التشابه في شكل السواحل المتقابلة علي جانبي المحيط الأطلسي، وعزز هذا عن طريق التطابق فی التراكيب الصخرية في كل من أمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا، مثال ذلك سلاسل الكاب الالتوائية في أفريقيا الجنوبية تماثل في نوع الصخر وطبيعة البناء سييرات بونس وابريس في الارجنتين.

وهناك كثير من العيوب في نظرية فيجنر، لكن الفكرة الأساسية سليمة، قد قبلها الفكر الجيولوجى الحديث. وأهميتها في موضوعنا هذا أن فيجنر، فی الوقت الذي فيه يعضد الرأى القائل بتكوين الأخدود عن طريق الشد، فإنه عمق وورسع الفكرة بأن ربط التحديد بتحطم قارة بنجايا. وإذا ما صح هذا فإن أخلود شرقی أفريقيا ما يزال يتسع، وفي خلال بضعة ملايين من السنين قد يصبح الأخدود نطاقا بحریا يفصل أجزاء من شرقى أفريقيا عن باقى القارة.

وقد جمع دي توات، في مؤلفة قارتنا الجوالة الذي نشر في عام ۱۹۳۷،شواهد جدیدة تعزز النظريـة، كما قوم الأفكار السابقة. وقد افترض قارتين ابتدائيتين، بدلا من واحدة، قارة لوراسيا التي تحطمت وكونت ما يعرف آلان بأمريكا الشمالية وأوروبا وأسيا وقارة جندوانا، التي تمزقت وانفصلت إلى آمريکا الجنوبية وأفريقيا والهند وأستراليا وأنتاركتيكا. وتبعا لذلك فان أفريقيا كانت الكتلة المركزية لقارة جندوانا التي فقدت اجزاءها الأخرى ابتداء من العصر البرمي وما تلاه، تلك الأجزاء التي تحركت لتستقر في مواقعها الحالية.وقد طور هذه النظرية بحاث آخرون منهم کنج، وعززها بكثير من الأدلة الجديدة. ویری كنج أن الموقع المركزى لأفريقيا بالنسية لقارة جندوانا مهم، نظرا لأنه يفسر الطبيعة القارية لمعظم الصخور التي تتركب منها القارة، وهو أيضا مهم بالنسبة لأراء كنج الخاصة بدورات التعرية الرئيسية في أفريقيا.

وهناك من الجيولوجيين من يرفض الزحزحة القارية، ويفضلون الأخذ بمبدأ رغم كثرة الأدلة والشواهد التي تسند نظرية الزحزحة. وتنصب معظم اعتراضاتهم على حقيقة أن أنصار نظرية الزحزحة لم يتمكنوا من تقديم التفسير الكافي لمسببات وقوى الزحزحة القارية، رغم أن جهلنا بها لا ينفی وجودها ورغم هذا، فإن دلائل صحة نظرية الزحزحة القارية تزداد باستمرار، فقد أشار البحاث إلى تشابة مختلف الظروف المناخية التي سادت بعض المناطق قديما؛ مثال ذلك، سلسلة رواسب الكارو في أفريقيا الجنوبية، التي تبين بوضوح أن أفريقيا الجنوبية قد عانت عصرا جليديا في العصر الكربوني. وهناك صخور جليدية مماثلة عثر عليها في الهند واستراليا وأمريكا الجنوبية وانتاركتيكا، وكلها متعاصرة. ودليل آخر أنه قد عثر على مظاهر للنحت الجليدي على الأسطح الصخرية التي يرتكز عليها التلايت الصخر الجليدي تشير طبيعتها واتجاهاتها على أن الجليد في مرحلة معينة قد انتشر فوق القارة الحالية من مركز رئيسي كان يقع جنوبي ناتال الحالية. ولا يعقل أن ينتشر مثل هذا الجليد من موقع آخر في جندوانا غير هذا الموقع. وهناك شواهد آخر معززة للنظرية تختص بالصفات المغناطيسية للصخور، ما تزال في مراحل التطوير والنمو.

ومع هذا يستحيل تأكيد العلاقة بين أخدود شرق أفريقيا والزحزحة القارية وتحطيم جندوانا، رغم أن كثيرا من قطاعات السواحل الأفريقية مرتبطة ارتباط وثيقا بالعيوب.



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة