U3F1ZWV6ZTQxNzYwODUzMjk2ODAxX0ZyZWUyNjM0NjM1NzM1NjYwMg==

العوامل الجغرافية البشرية المؤثرة في قوة الدولة

تأتي العوامل الجغرافية البشرية بمثابة الوجه الآخر المؤثر على مكانة الدولة وقوتها، وتتميز عن العوامل الطبيعية بأنها عوامل أكثر ديناميكية، ولهذا فإنها ذات أثر أبلغ من العوامل الطبيعية، ويقصد بالعوامل البشرية التي تؤثر في قوة الدولة: كل العوامل التي يتمثل فيها النشاط الإنسأني، ولها دور فى دعم قوة الدولة مثل عدد السكان ودورهم في استغلال الموارد الطبيعية المتاحة أفضل استغلال، وتقييم الدولة بما لدى سكانها من قدرة على التأثير يقتض تتبع أحوال السكان في كل دولة للتعرف على جوانبها المختلفة.

وتهتم الجغرافيا السياسية بدراسة السكان من الناحية الحضارية أو الأنتروبولوجية؛ وتشتمل على السلالة والمقومات الثقافية أو الحضارية التي تجعل منهم أمة أو أكثر، خاصة اللغة والدين.

ان الدولة هي تطور تاريخي بمعنى أن جماعة من الناس التصقت بوطن من الأوطان وكونت شعبا معينا وأقامت دولة، وتطورت تطورا حضاريا أو ثقافيا معينا، وكونت تقاليد خاصة بها أو لهجة مختلفة عن جيرانها، وكونت عاطفة معينة في نفوس أفرادها نحو هذا الوطن بحيث أصبحوا شخصية متميزة تطلق على نفسها اسم أمة، وقد يكون لهذه الأمة دولة أو تنطوي تحت لواء دولة أخرى.

1- عدد السكان كأساس لقوة الدولة:

الدولة تمثل شكلا أكثر تعقيدا من مثل أية تنظيم بشري سابق عليها، وفي خلال التاریخ زاد عدد الدول باستمرار؛ لأن طموح كل الشعوب كان يؤدي بهم إلى تكوين دولة جديدة عندما يصلون إلى مرحلة معينة من المدنية والقوة، فكلما كان عدد افراد التجمع كبيرا ونشاطهم متنوعا تشتد الحاجة لتنظيم مركب، وكان الاعتقاد أن العدد الصغير لمجتمع ما يؤدي إلى تنظیم سياسي بسيط يعتمد على النسب والقرابة كالعشيرة والقبيلة، بينما يؤدي التكوين الكبير لمجتمع متجانس سلاليا أو لغويا أو دينيا إلى تكوين الدولة حينما يصل هذا المجتمع إلى درجة معينة من المدنية العليا، لكن الواقع يشير إلى أن وجود الدولة لا يعتمد على مثل هذه العوامل، فالنرويج تكون دولة برغم أن سكانها نصف التجمع السكاني لمدينة باريس، وفي نفس الوقت لم يكون الأوكرانيون أو المانشوريون دولا برغم أن تعداد كل منهما يزيد عن 40 مليونا.


ويلعب الحجم السكانی دورا كبيرا في حياة الدولة لا لكونه معبرا عن قدراتها سواء الآتية والآجلة وفقط، بل يمكن أن يمثله أيضا من ضغط علی مواردها ومن ثم اضطراها إلى الاعتماد على الدول الأخرى في سد الفجوة الغذائية السكانها، وفي أحيانا أخرى دفع سكانها إلى الهجرة أو الاعتداء على جيرانها أو تقبل بمستوى متدني لمعيشة شعبها، مما يثير القلاقل والثورات الداخلية.

والحجم السكانی المثالی مصدر قوة للدولة بما يمدها من ايدي عاملة تسهم في زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتقدم اقتصادها وفی ضوء الحجم السكاني.

تتحدد ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الأول: يؤدى الحجم السكاني مع الرغبة في السيطرة والتوسع إلى اتجاه الدولة نحو الغزو والصراع العسكرى للاستيلاء على مزيد من الأراضى المجاورة وهو ما ينطبق على غزو اليابان لجاراتها الأسيوية، واتجاه اسرائيل لضم أراضى الدول المجاورة لها منذ قيامها.

والاتجاه الثانی: قد يكون الحجم السكانى عائقا أمام الغزو العسكرى كما حدث في الصراع بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي السابق.

والاتجاه الثالث: قد يكون الحجم السكانی عاملا مساعدا على دخول جنسيات أخرى للدولة لسد النقص في الأيدى العاملة كما حدث لدول الخليج وبعض الدول الأوربية مثل فرنسا مما يسبب الكثير من المشكلات الداخلية مثل التيار المناهض للعمالة الجزائرية والعربية عموما في فرنسا.

۲- السلالة كأساس للدولة:

الوحدة الإثنية قد تشجع على ولادة دولة، مثل المجر أو بلغاريا أو تايلاند، لكن دولا عديدة تتكون من عدة شعوب وسلالات مثل الولايات المتحدة والبرازيل حيث نجد كافة سلالات العالم متمثلة في مواطنيهما. كذلك لوحظ أن الدولة حينما تنشأ وتنمو تحاول أن توجد لنفسها طابعا إثنيا أو سلاليا بصورة مصطنعة، وأكبر دليل هو ألمانيا النازية التي ادعت لنفسها سلالة آرية نقية بعد أن كانت ألمانيا قد توحدت في دولة مركزية واحدة منذ 1870.

ويقسم العلماء سكان العالم إلى سلالات رئيسية لكل منها صفاتها الجسمانية الخاصة، والتي تميزها كمجموعة وتفصلها عن غيرها من السلالات الأخرى، وأهم هذه السلالات البشرية الرئيسية هي القوقازية والمغولية والزنجية بجانب بعض سلالات أخرى ثانوية.

وتنقسم السلالات الرئيسية إلى سلالات فرعية عديدة مثلا السلالة الرئيسية القوقازية التي تنقسم إلى السلالة النوردية والسلالة الألبية وسلالة البحر المتوسط. وقد اختلطت هذه السلالات منذ فجر البشرية بوسائل الاختلاط الكثيرة عن طريق الغزوات والهجرات والزواج، وحاليا لا توجد سلالة بشرية نقية إلا فيما ندر بين أشد الشعوب بدائية وعزلة مثل الأقزام في داخل الغابات الاستوائية. ولابد آن نميز بین السلالة بمفهومها البيولوجي، هي عبارة عن جماعة تتصف بصفات جسمانية معينة تميزهم عن غيرهم من الجماعات الأخرى، وبين الاصطلاحات الأخرى اللغوية أوالدينية أو القومية التي حصل خلط بينها وبين مفهوم السلالة، مثال ذلك الاصطلاحات التي انتشرت لفترة من الزمن حول السلالة الآرية أو السامية أو السلالة اليهودية أو السلالة العربية، وهذا خطا لأن هذه الإصلاحات اصطلاحات حضارية لغوية أو دينية، ولا شك أن الذين يصرون على استعمال الخطأ لهذه الاصطلاحات هم دعاة العنصرية والقومية السياسية.والواقع أنه نتيجة الاختلاط الشديد الذي حصل بين السلالات نجد الشعوب مكونة من اختلاط أكثر من سلالة؛ ولذا لا توجد مشاكل سلالية إلا حيث توجد جماعات من سلالات مختلفة يسهل التعرف عليها بسرعة وتعيش معا في دولة واحدة كما في الولايات المتحدة الأمريكية حيث توجد المشكلة الزنجية، وكما في جنوب أفريقيا حيث تظهر بشدة مشكلة الملونين وفي أستراليا قوانین الهجرة القائمة على أساس التمييز العنصري.




تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة