العصر الجليدي الأصغر
استغرق العصر الجليدي الأصغر فترة قصيرة بين عامي١٨٥٠.١٤٣٠ تقريبا، وتميز بالبرودة وزادت الغطاءات الجليدية، وانخفضت درجات حرارة مياه شمال دائرة العرض 50 شمالاً السواحل الجنوبية لجرینلاند بما يتراوح بين1 - 3 درجات مئوية عن حرارتها في الوقت الحاضر، وتغير منسوب بعض البحار والأنهار، فارتفع منسوب بحر قزوین، وزاد تصريف مياه نهر النيل بسـبب زيادة الأمطـار علی هضبة الحبشة، وهبط مستوى نمو الغابات فوق الجبال في إقليم وسط أوروبا بسبب انخفاض درجات الحرارة. وتأخرت بداية هذه الفترة الباردة في نصف الكرة الجنوبي حتى عام ۱۸۰۰م، واقتصر الانخفاض في درجات الحرارة على بعض المناطق دون أخرى.
ثم تحسنت الأحوال المناخية بعض الشيء في أواخر العصر الجليدي الأصغر، ويكشف عن هذا انتشار مزارع العنب في غرب أوروبا ووسطها لمسافات أبعد من مناطق انتشارها في الوقت الحاضر بما يراوح بين ٥.٤ دوائر عرضية، ويقدر كذلك أن الحد الأعلى لنمو الغابات على منحدرات الألب كان أعلى بما يراوح بين ۰.۷۰ ۲۰ مترا فوق مستواه الحالي، وعلى أساس هذه التوزيعات يقدر البعض أن درجات الحرارة كانت تزيد في معدلاتها بنحو درجة مئوية على الأقل على معدلاتها الحالية.
ويمكن القول إجمالا بأن هذه الفترة . رغم قصرها تميزت بانخفاض واضح في درجات الحرارة، وربما يكون مصطلح عصرالجليدي الأصغر صحيحا وأقرب إلى الواقع المناخي الذي ساد أثناء تلك الفترة.
تراجعت النطاقات المناخية مرة أخرى في نهاية العصر الجليدي الأصغر إلى مواقعها الحالية، ليسود العالم فترة دفيئة مازالت مستمرة حتي الوقت الحاضر، ويعتقد تراجع الغطاءات الجليدية وسيادة الدفء بصفة عامة منذ عام ۱۹۰۰م مع وجود بعض التباينات من مكان إلى آخر، وزادت درجات الحرارة ما بین درجتين إلى ثلاث درجات في شمال سيبيريا وشرق كندا وألاسكا، وبلغت درجة الحرارة أعلى من ذلك في غرب الولايات المتحدة وشرق أوروبا واليابان وارتفعت درجة الحرارة على مستوي العالم ما بین. ٠.٠٢. ٠.٣ درجة مئوية في المائة سنة الأخيرة.
ثانيا: الأسباب المحتملة للفترات الجليدية
تبين الدراسات المناخية القديمة Paleoclimatogy ان الأرض كان مناخها مختلف عن المناخ الحالي وذلك خلال الثلاث أو الأربع ملايين سنة الأخيرة، منها المليون سنة الأخيرة المعروفة بعصر الجليد، ففي الفترة الباردة "جليدية" عاشت حيوانات الرنة والماموث (الفيل المنقرض Mam moth) في فرنسا، وبحلول الفترة الحارة هربت حيوانات الرنة نحو الشمال، وعادت الأفيال والبرانيق (فرس النهر) إلى ضفاف نهر السين، بسبب سيادة المناخ الجاف الصحراوي" في غرب أوروبا، وأحيانا أخري كان يسودها مناخ معتدل، حار، ورطب، سمح للغابات بالانتشار، ويؤيد ذلك ضخامة المادة الأولية لطبقات الفحم. وفي جهات أخرى ظهرت آثار لمناطق جليدية كبرى أو لنباتات معتدلة في جرينلاند بالمنطقة القطبية الشمالية.نظريات التغيرات المناخية
التغيرات المناخية التي تعرض لها العالم في الزمن الرابع أصبحت حقيقة واقعة وتباينت الآراء في أسباب حدوثها، ولم يصل اي راي إلى تفسير دقيق وشاف يكشف عن أسباب التغيرات المناخية فكل رأي له ما يؤيده، وان لم يسلم من بعض الاعتراضات.١-التغیر في الإشعاع الشمسي
تختلف درجات الحرارة على سطح الأرض بتغير الإشعاع الشمسي، والتغير له جانبان الأول يختص بكمية الإشعاع، والثانی بنوعية الإشعاع، وتنخفض درجة الحرارة من درجة إلى درجتين مئويتين إذ أحدث تناقص في كمية الإشعاع بنسبة ۱٪ فقط حسب بعض التقديرات، ويرتبط ذلك بنوعية الإشعاع الشمسي فالأشعة فوق البنفسجية تشكل نحو ۱.۰٥٪ من إجمالي الطاقة الشمسية، وتتضح أهميتها في تسخين الطبقات العليا للغلاف الجوى ممـا يؤدي إلى حدوث تفاعلات كيميائية بين هذه الأشعة والأكسجين، ويترتب على ذلك تكون طبقة الأوزون.
وأطلق أجاسیز Agassiz عام ۱۸۳۹ على الفترة الجليدية اسم "الشتاء الكوني الذي نتج عن أسباب خارجية، وافترض ليكوك Lecoq عام ۱۸٤٧ حدوث 'صيف كوني شديد الحرارة، ساعد على تبخر مياه المحيطات وسقوط أمطـار غزيرة، ويقول أوبيك Opek بان الطاقة الشمسية نجمت عن انصهار الهيدروجين فيعتقد بأن التغذية بالهيدروجينية حدثت على دفعات وكل واحدة منها سببت تمددا للنواه وتسخينا للجو واذت هذه الاضطرابات الي انخفاض في درجة الحرارة وافترض الانخفاض ب ٨ مئوية عند خط الاستواء خلال الفترات الجليدية، ولا يتفق مع الافتراض القائل بارتفاع درجة الحرارة عند خط الاستواء بدرجة أكبر.
وحدد العالم الفلكي ملانكوفيتش Milankovitch عام ۱۹۳۸ اختلاف إمداد سطح الأرض بالأشعة الشمسية، بسبب حدوث تغيرات في عدد من الخصائص الفلكية الثابتة أهمها، تغير المدار البيضاوي الذي تدور فيه الأرض حول الشمس، وتغير محور الدائرة الظاهرية لمسار الشمس، وتقدم حدوث الاعتدالين الربيعي والخريفي، الذي ظل يتغير دوريا مع حلول كل ۰ ۰ ۰ ۹۳ سنة و٤١٠٠٠سنة و ۰ ۰ ۲۱۰سنة على التوالى. لذلك فإن المسافة المتغيرة، بين الأرض والشمس، وميل الكرة الأرضية بالنسبة للشمس، اختلافا في مقدار الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض، وبناءً على ذلك يتغير المناخ العام فيصير أكثر دفئا أو أكثر برودة. وطرح داوفيللر Dauviller عام 1962 نظرية مؤداها أن الفترة الجليدية حدثت بسبب انخفاض "الثابتة الشمسية". بسبب ازدياد العاكس الأرضی، الذي يحدث بسبب تناقض النشاط الشمسي.
٢-تغير انحراف مدار الأرض، ومحور دوران القطبين
يفترض العديد من العلماء حدوث تغير في انحراف مدار الأرض، حيث إن الأرض تدور حول محورها الذي يميل عن الخط العمودي بمقدار ٥ .۲۳ من الغرب إلى الشرق أمام الشمس مرة كل يوم. وتدور حول الشمس في مدار بيضاوي مرة كل عام، وأحيانا يكون قطبها الشمالي مواجها للشمس، وأحيانا أخرى يكون قطبها الجنوبي هو المواجه للشمس، وذلك حسب موقعها على المدار الذي ترسمه، لهذا يتطابق زمن الصيف في نصف الكرة الشمالي مع زمن الشتاء في نصف الكرة الجنوبي.
ويفترض ليفي Levy عام ١٩٥٦ ان محور دوران القطبين لم يكن ثابتاً خلال الأزمنة الجيولوجية، الأمر الذي جعل
المناطق المناخية أقل وضوحاً ممـا هی عليه الآن، وكذلك فإن انحراف مدار الأرض لم يكن ثابتا عند ه.۲۳ بل وصل إلى ۳۰ أو أكثر، الأمر الذي ساعد على انعدام فروق الحرارة المتوسطة السنوية، في معظم مناطق الكرة الأرضية، وحدوث الاضطرابات المناخية.

إرسال تعليق